هل حقا غامبول مجرد كارتون

وهل حقا هو موجه للأطفال حصرا دون أية رسائل خفية؟

من منا لا يعرف المسلسل الكارتوني غامبول؟ ومن منا أيضا يجهل أقواله التي ما فتئ الكبير والصغير يرددها إما على سبيل المزحة أحيانا أو على سبيل السخرية من الواقع في أحيان أخرى، إلا أنه لو تأملنا قليلا لربما تراءى لنا ما لم يراه غيرنا في معاني هذه الأقوال ودوافعها، وصولا إلى الهدف منها بالأساس.

فكما نعلم فسلاسل الكارتون وعلى تنوعها لا يتم إنتاجها عبثا وإن كانت تبدو ظاهريا عبثية خالية من أي معنى، إلا أنني أجزم أن أي عمل كارتوني أو سينمائي أو حتى أعمال الأنيمي أو المانغا أو الروايات العالمية بمختلف أنواعها تكاد لا تخلو من رسالة أو هدف أو فكرة يراد لها أن تصل بشكل من الأشكال.

وقد يتوجس البعض من الموضوع متهما إياي أو كل من يتكلم ويفتح أقواسا من هذا النوع بأنه من اتباع فكرة المؤامرة الكونية وأن وراء كل شيء هدف لتدمير الشعوب والأمم، إلا أنه في الحقيقة لا أحد في العالم أجمع يمكنه أن يثبت أو ينفي حقيقة هذه الشكوك، ولكن الشيء الوحيد الذي أستطيع إثباته أنني لست بصدد تحليل الأمر من وجهة نظر سياسية أو استراتيجية أو حتى اجتماعية، لأن مسلسل غامبول ببساطة لم يكن حكرا على شعب دون غيره، بل نحن بصدد معالجة الأمر من وجهة نظر سيكولوجية نفسية لمعرفة الرسائل والدوافع التي تجعل من مسلسل كرتون -والذي من المفنرض أن يكون متوجها لفئة عمرية تكاد تكون في مرحلة بناء العقل والشخصية الأولية- يصبح مادة دسمة للسخرية لفئة البالغين..

أيضا، التدقيق في الأقوال والمصطلحات يكاد ينفي تماما احتمالية أن يكون هذا الأخير موجها للفئات السنية الأقل من 16 سنة نظرا لتعقيد المصطلحات المستعملة ودلالاتها السياسة والاجتماعية وحتى النفسية والتي تكاد تنفي احتمالية أن يستوعبها عقل طفل من قبيل عبارة (فل نقم بثروة، نظام حماية الشهود، الجنحة، أمر قضائي….إلخ) والتي حتى البالغون ذوو المستوىات الدراسية العالية يجهلون معانيها؛ أو عبارات من قبيل
      – “بعض البشر لا أعلم نوع الصبر الذي يقضونه في تحمل أنفسهم”؛
      – “أنتم تسمونه الكسل وأنا أسميه قانون حفظ الطاقة”؛
      – “لا مانع من الجلوس مع بعض المجانين لمعرفة قيمة العقل”.

ولا أعتقد أن هناك طفلا واحدا في العالم أجمع يمكنه أن يفرق بين أناه وشخصيته فكيف باعتقادكم يمكنه أن يدرك معنى تحمل النفس أو قيمة العقل أو حتى معنى العقل لغة واصطلاحا، فما بالك بقانون حفظ الطاقة أو الأمر القضائي أو نظام حماية الشهود و…… إلخ.
ومن جهة أخرى،  فان أغلب عبارات غامبول هي في الغالب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- عبارات تصف الحياة بالمملة عموما الخالية من المتعة، من قبيل:
– “الحياة مملة وروتين ممل وناس تجيب الملل”؛
– “مر شريط حياتي أمام عيني وقد كانت مملة جدا”؛
– “لا تيأس من الحياة، اجعلها تيأس منك”.

2- عبارات تصف الغير بأنه الشر المطلق، من قبيل:
– “لا تثق بأحد حتى الشخص الذي بداخلك لأنه يتكلم وأنت نائم”؛
– “أغلب الوجوه البريئة هي منبع الفساد”؛
– “وجود الطعام في حياتي أهم من وجود بعض البشر”.

3- أما القسم الثالث، وهو الأغلب، فهو عن عبارات تحمل معنى التمرد على جميع القيم، من قبيل:
– “لا تبرر أخطاءك، بل اجلطهم بالمزيد”؛
– “إذا لم تستطع إسعاد نفسك فعكر مزاج الآخرين”؛
– “أنا إنسان لا أسمع النصيحة إلا بعدما أفعل المصيبة”.

ولا أعتقد أن هناك إنسانا عاقلا بيننا سينظر لمثل هاته التعابير على أنها تصدر من مجرد كارتون الغرض منه هزلي وهدفه إضحاك الأطفال لما تحمله من معان ذات دلالات سيكولوجية قادرة على التأثير على سلوكيات الأفراد بشكل غير مباشر، إضافة إلى أن هناك دلالات عن نفسية كاتب السيناريو والذي إن كان كل ما جاء على لسان الكرتون في نظره عفويا فهو دلالة تكاد تكون قطعية على مرضه النفسي وعقدة النقص لديه، وإن كان غير ذلك فلا أعتقد أنه من البراءة كتابة هكذا سيناريو سوى لغاية في نفسه.

هل حقا غامبول مجرد كارتون

سهيل المعطاوي

من أعضاء زوايا