أقوال

مجد الأجداد وجهل الأحفاد

بات علي الشكر عندما تتم معاملتي بتطبيق الدستور وإقرار الحقوق والواجبات.. فصدمت لحال الناس وفوجئت لشكر الضعفاء على ما منحهم الأغنياء، فلم أعد أعلم من أصدق..


أ فقير تمسك بالفقر فأضحى يرى كل حق هبة؟ أم غني تجبر عن الغنى حتى صار يرى المال ماله والواجبات حقوقه؟ فغضبت لحال الغني وشفقت على سذاجة الفقير، فقررت إعادة النظر ورأيت أن جهل الناس هو ما تسبب في الفقر وأن أميتهم هي من تترك المجال ليتخلل الظلام عن نورهم. فماذا تنتظر من أمة لا تقرأ من غير جهل وتخاريف يتخلل عقولها؟ ماذا تنتظر من أمة قدست التفاهة وهجرت الكتب؟ أمة جعلت من القذارة مجدا وصنعت قيود الجهل بسلاحها.. ماذا ننتظر من أمة تتدخل في شؤون الغير وتهتم بشأنهم أكثر معرفة لأولادها.. ماذا ننتظر من أمة هجرت الدين وحرفت الإسلام فأصبح كل يؤمن بما يريحه!!

لا أمل خير في شخص أحب مال اليتيم وأكل حق المسكين وشب شبابه على جهله؛ وفي كل مرة تسأل شابا عن حاله في وطن عربي يقهقه بضحكة عريضة يتبعها بالسخط على الدولة والحكومة ناعتا إياهما بأقبح النعوت ومحملا إياهما المسؤولية كاملة، مردفا أنه لا ينكر أن الوطن يحمل أدمغة وعقولا تفكر ولا ينكر أن الحكومة تستنزف الأموال لنفسها وتستثمر في ثروات غيرها لكن ما حالنا نحن من هذا الموقف بل كيف نتصرف كمجتمع؟

جابهتني العديد من الأسئلة ووجدت أن المجتمع كحاله وذاته لا يتصرف، لا يحرك ساكنا ولا يتحرك أبدا بل يستنجد بسلبيات المجتمع وينطبق عليه مثل “استنجد غريق بغريق”؛ مجتمع يجعل من كل شيء سخرية ويحول كل شيء لسخرية، فأسأل نفسي كيف نمجد التفاهة ونهجر الأمل؟ كيف يرى الشعب استحمار القنوات التلفزية ويتعايش معها بل حتى وصل بهم الأمر لخلق مواضيع ساذجة… ولا يتعلق الأمر بالتلفزة فقط بل حتى أن هناك قنوات تُتَداول بين مستخدمي الأنترنت عمودها الفقري قائم على التفاهة والسخرية؛ حقا لم تنتهي المشكلة هنا بل ما يميز كل هذا هي مشاهدات تفوق الخيال. حقا أكثر من نصف شعب يشاهد! الكل في الكل، كيف هذا؟ أين الثقافة يا سادة؟ أين الحكمة؟ وأعود مرة أخرى وأسأل نفسي من الملام؟ كاسيات عاريات يفعلن أي شيء للحصول على المال أم صاحبات مقلب في زوجي؟؟؟ لا بل أجد عناوين تراج بكثرة كروتيني اليومي الذي يجمع جميع فتيات سني… واحدة تتعلم إخفاء العيوب من بشرتها وأخرى تتعلم تكبير مناطق الأرداف لجذب الذكور أو الحصول على زوج…!!

لم أعلم كيف أصيغ جملي بل كيف أتكلم بمنطق لكن رحم الله اللغة العربية ورحم الله فاطمة الفهرية وزينب النفزاوية.. نساء لم يملكن أي شيء غير عقول يفكرن بها في زمن كان للمرأة أن تتزوج فقط لكنهن غيرن التاريخ وحطمن قيود الصمت في زمن لا وجود فيه لحقوق المرأة… رحم الله كل من ضحى بنفسه لأجل أجيال الغد، رحم الله كل جد حارب وجاهد في سبيل الوطن…

استنزفت قبائل واغتصبت نساء كثر، مات الآلاف من الناس في سبيل رغد اليوم ولكي نعيش نحن أحرارا، فكيف أصوغ من كلامي أن الأجيال التي كان يحارَب من أجلها أصبحت مجرد أشباه رجال ومجرد أشباه نساء؟ كيف هذا؟ كيف أمكن لجيل اليوم أن يغفل عن زمن الأمس ويخذل من باع روحه لأجله من تعب وعلم وجال العالم؟ من عانى من الاضطهاد والبؤس والتنكيل والتشريد؟

نعم، جيل الأمس حكى الكثير ومن المؤسف أن جيل اليوم يتغافل عن كنوز وثراث بلاده؛ جيل أتيحت له الفرصة لكي يسلك ضروب الأمس ويتماشى مع خطواته ليحقق الكثير فنجد أنه لازال يحارب الجهل!! لازلنا نصغي إلى الخرف ولازلنا نطرق مسامع الظلام وننام على جنبات التقليد.
وبهذا نكون قد نسينا أسلافنا ونسينا ما كنا عليه، وهذا لجهلنا ولهجرنا لكتبنا حتى صرنا نرى العلم لهم فقط ونحن نتفرج وننتظر، في حين أننا نحن العرب.

أقوال

مريم بنعبد الله

طالبة جامعية