تأملات في الأدب والسينما

تمهيد لسلسلة مشوقة عن سحر الأدب والسينما

لست أديبا ولا مشتغلا بالسينما، ولكنني مجرد قارئ تلبّسه سحر السينما والأدب منذ اللقاء الأول، إذ تعرفت إلى السينما العالمية مثل كل أبناء جيلي، في سنوات الطفولة المبكرة، من خلال برنامج “سينما الخميس” الذي كان يقدمه الصحفي علي حسن على القناة المغربية الأولى. واقتحمت عالم الأدب منذ أن فتحت عيني على خزانة الوالد رحمه الله، حيث كانت قصص “كليلة ودمنة” و”ألف ليلة وليلة” وروايات جرجي زيدان والمنفلوطي وكتب التراث الأدبي، في عينيْ الطفل الذي كنته، أشد جاذبية من تفاسير القرآن وشروح “الشيخ خليل” أو الحواشي على “إيساغوجي“..

وبمرور السنين، نما ذلك الشغف المضاعَف حتى صار جزءا من هويتي، وانبنت عليه كل علاقاتي الاجتماعية تقريبا. فلا تراني إلا منتقلا من فيلم إلى كتاب أو باحثا عن صديق أحدثه وأسمع منه عن كتاب أو فيلم. وبذلك اجتمعت في الرأس آلاف العلائق الواضحة والخفية بين ذَيّنِك الحقلين الحميمين. وبالاطلاع على كتب أخرى في نقد الأدب وفلسفة السينما، تعمقت تلك العلاقات واتخذت مع كل قراءة شكلا أكثر وضوحا. فرأيت أن أسجلها اليوم في مقالات أنشرها هنا في مدونة زوايا التي لا أفوت فرصة شكر القائمين عليها؛ لعلني، على الأقل، أشارك قارئا شغوفا بالأدب أو مشاهدا عاشقا للسينما ما يمكن أن يكون قاعدة حقيقية لتواصل نقدي خلاق.

وبذلك سأحاول، في سلسلة المقالات هاته، أن أعرض للقارئ غير المتخصص، في تأملات شخصية بالأساس، تلك العلائق التي نُسجت على مدى سنوات المشاهدة والقراءة بين هذين الفنّين، مستعينا بشكل ضمني بما مكنتني به قراءاتي النقدية والفلسفية من أدوات للتحليل والتركيب. وبناء عليه فلن أدعيَ أنني سأقدم مراجعات وافية لتلك الكتب ولا لتلك الأفلام؛ بل ستكون مقالاتي جملة من التأملات في السينما العالمية من خلال ما أراه أفضلَها، لأحاول ربطه بما علق بالذهن من أجمل ما قرأت من أدب العالم. وربما انطلقت من قراءتي لكتاب ما، وإن كان فكريا، منفتحا على ما علق بالذهن أيضا من لقطات سينمائية لا تنسى، على أن تكون الأفلام والكتب المعروضة مما ينبغي الاطلاع عليه من سينما وآداب العالم، على الأقل في نظري ومن خلال تجربتي المتواضعة.

نعم أعلم أنها رحلة شاقة والتزام قاس، ولكنها الطريقة الوحيدة التي أستطيع بها لملمة أفكار راودتني منذ سنوات، ضاع أكثرها، ولا يزال بعضها يحتاج إلى ربط وتقييد. فمرحبا بكم في هذه الرحلة.

تأملات في الأدب والسينما

أحمت السباعي

أعمل مستشارا في التخطيط التربوي، أهتم بالأدب والفكر والسينما... نشرت مجموعة شعرية (2014) وأستعد لنشر رواية.