نحن نغرق

هل أنت النسخة الأفضل؟

توقفوا رجاء، كفى! توقفوا عن كونكم الأسوأ ، توقفوا عن كل فعل لا يضيف قيمة إلى شخصكم ولا يرفع من قدركم كإنسان..!!

نعم توقفوا عن التنمر، فببساطة أنت وأنا وجميعنا لا نملك من الكمال سوى التخيل والاعتقاد؛ أي الاعتقاد بأننا كاملون ومنزهون عن الآخرين، لكن معالم الحقيقة تُكشف خباياها عند النظر إلى وجهك أو إلى جوهرك، حقيقة كونك لست النسخة الأفضل من الآخر بجسدك بل بعقلك، لأن ما يصنع استثناءكَ هو عقلك ووعيك… تخيل معي أنك تنمرت على شخص معاق وفي الصباح استيقظت وأنت لا تقوى البتة على الحركة.. ما بال وجهك اكفهر واصفر هكذا؟ أترى كم أن التخيل فقط مؤلم فما بالك بألم من يعيش مع هذه الحقيقة كل جزء من يومه، لو فعل الجميع نفس الأمر لتوقفت هذه الحرب الطاحنة (حرب اللاوعي والتخلف) منذ زمن، لكن ما الضير إذا اعتقدت في باطنك أن تنمرك على وزن شخص، شكله، لونه… بأنك ستصبح نفس النسخة منه في الزمن القريب عملا بالقول المغربي“الدنيا دوارة”.

اضحك الآن لكن صدقني أنا لا أمزح، كما ضحكت على أي كان سيضحك عليك يوما، وكيفما استهزأت لا بد وأن تشرب من كأس الاستهزاء يوما، الأمور ليست بتلك العشوائية التي تعتقدها، هناك “رب منتقم”؛ تذكر جيدا، “رب منتقم”

وتوقفوا أيضا عن ادعائكم بمعرفة الغير معرفة يقينية.. أنت لا تعرف عن صديقك أو عني سوى الظاهر أو القشور كما يقال، أقسم لك، فلكل منا قصته الخاصة ولكل منا ظروفه الخاصة، فأنا أصور لك ما أريدك أن تشاهده وليس ما تريده أنت، لن تكون على علم بتفاصيل غيرك وبظروفه إلا وفقط إذا شاركته نفس السقف، وعشت معه واقعه بالثانية والدقيقة على مرأى عينيك، آنذاك أنت صاحب الحق بقولك “أنا أعرفه تمام المعرفة”، لكن ما دمت بعيدا فهناك مشاهد في الكواليس تحدث وقصص تحاك وظروف تُعاش، لا يمكن أن تكون على دراية بها يوما

أرجوك، قف فقط دقيقة بينك وبين نفسك وانظر جيدا من تكون أنت؟ راجع نفسك نعم، هل أنت النسخة الأفضل الآن من ماضيك؟
صدقوني نحن بشر مميزون، نملك عقلا قادر على جعلنا أعظم وأعمق من كل هذه التراهات (التنمر، القيل والقال…)، أنا لا أطالبك باختراع ما حتى تصبح رائعا، أطالبك فقط بأن تكون شخصا مسالما، متصالحا مع ذاته، لديه رؤية وهدف

أنا متأكدة أنك تتساءل من خلف شاشة هاتفك أو حاسوبك من تكون هذه حتى تعلمني كيف أعيش؟
أنا أسوأ منك صدقني، لكنني أقاوم حتى أكون خارج كل موجة تجعلني ميتة مثل الكثيرين، لا أنكر أننا كلنا نعشق التفاهة لدرجة خطيرة، لكن كن تافها بطريقة ذكية واعية تجعلني أصدق أنك إنسان.

نحن نغرق

حفصة اللمطي

طالبة تمريض، تخصص علاجات استعجالية و عناية مركزة