الدولة وتدبير كورونا

غياب المنتخبين عن المساهمة في التوعية من خطورة فيروس كورونا

منذ الوهلة الأولى سارع المغرب إلى الإعلان عن سلسلة من الإجراءات الإحترازية التي قادها صاحب الجلالة الملك محمد السادس عبر توجيهات رسمت خارطة طريق منذ البداية للحكومة المغربية. حيث إستطاعت الحكومة المغربية سن عدد من القوانين التي من شأنها الحد من تفشي فيروس كورونا، وكان أبرزها إغلاق الحدود البرية والجوية بشكل تدريجي لتصل في ظل 3 أيام إلى الإغلاق الكامل، وتعليق جميع الرحلات الدولية مع باقي العالم. تلاها إغلاق جميع المدارس بالمملكة وإعتماد خيار التعليم عن بعد، وإغلاق المساجد بفتوى صدرت عن المجلس العلمي الأعلى، بالرغم من أن العدد الإجمالي للإصابات أنذاك لم يتعدى 7 حالات.

ثم أُحدثت الحكومة تنفيذا لتعليمات صاحب الجلالة، حسابا خصوصيا لتدبير جائحة كورونا في 16 مارس 2020، وكان الهدف من هذا الصندوق الممول من الميزانية العامة للدولة إضافة لمساهمات العديد من الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة، التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، وعلاج الأشخاص المتضررين من الفيروس في ظروف جيدة. هذا كان على المستوى الوطني أما على المستوى الترابي، فقد وجد رجال السلطة أنفسهم في فوهة المدفع بمختلف عمالات وأقاليم المملكة، مضطرين إلى الإستعانة وعقد شراكة مع جمعيات المجتمع المدني من أجل القيام بعمليات تحسيس المواطنين، والشروع في تعقيم العديد من الشوارع، في وقت غاب فيه المنتخبون عن الساحة وتوارو عن الأنظار. ولَم يتحمل المنتخبون أيضا عناء المساهمة إلى جانب السلطات في توعية المواطنين، وخصوصا بالأحياء والدوائر التي يمثلونها، مكرسين تلك الأطروحة أن هم المنتخب في الأخير البحث عن المناصب والمقاعد الإنتخابية، ضاربين عرض الحائط أن المجال السياسي مجال للتطوع ليس للإغتناء، كما هو مسطر في أعتى الديمقراطيات.

و هنا يٌطرح السؤال، حول فاعلية القوانين التنظيمية التي أعطت سلطات جد متقدمة من أجل قيام المنتخب بلعب أدوار طلائعية في مجال الصحة العامة، ومدى إستعاب المنتخب بدوره كنرد أساسي في الرقعة الترابیة، وهل جائحة كورونا عرت عن شساعة الهوة بين خطابات عاهل البلاد حول إعتناق خيار الجهوية وما هو ممارس على أرض الواقع؟

إذن، هي أسئلة كثيرة لها جواب واحد، لا إصلاح حقيقي للوضع، ما لم يصاحبه قطيعة مع الممارسات التقليدانية، قطيعة مع ممتهني المقاعد الإنتخابية، قطيعة مع الأمية التي تنخر الفعل التدبيري، و فتح مجال أوسع أمام النخب حتى يتسنى للرجل المناسب أن يكون في المكان المناسب.

الدولة وتدبير كورونا

Exit mobile version