خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر -1-

سلسلة تدوينات استقرائية لجائحة هزت كيان العالم

بُعيد إعلان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في قبة البرلمان، عن إجراءات جديد تروم إلى التخفيف التدريجي للحجر الصحي، وإعادة فتح الاقتصاد الوطني، وفتح المسالك الطرقية، وبعض المرافق العمومية…، يكون المغرب قد دخل مرحلة متقدمة في تدبيره للجائحة، ووصوله إلى مرحلة تدبير الأزمة الحقيقية، واتخاذ مجموعة من التدابير لمعالجة مخلفاتها، وفق منطق تدبير الأزمات الذي يرتكز على “تشخيص الأزمة تشخيصا سليما ودقيقا وصحيحا، وتمكين صناع القرار في تحديد القرارات المناسبة للتعامل مع هذه الأزمة بكفاءة عالية”.
ومن أجل ذلك تأتي هذه الأسطر كقراءة متواضعة حول مآلات الأزمة، وسبل معالجتها وتجاوزها.


مما لا شك فيه أن تدبير ورسم السياسات العمومية في الأزمات يتطلب مهارة واستراتيجية متكاملة ومندمجة، تراعى فيها الظرفية وحساسيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؛ وترتكز فيها على نقط القوة، وتسخير كل المكونات الوطنية والإمكانات المادية والبشرية في إطار تعبئة شاملة، وتوجيه المجهودات الى هدف محدد وتجنب العشوائية والارتجالية في اتخاذ القرارات، وخلق نوع من الإجماع الوطني والتضامن الاجتماعي.

وإذ أصبح مؤكدا أن وباء كورونا المستجد أحدث سلسلة من الصدمات والضربات التي زعزعت مجموعة من المنظومات الصحية والاقتصادية والاجتماعية القوية والعريقة في عدد من دول العالم المتقدم، وأفرز أسئلة مقلقة بشأن مصير البشرية ومدى استعدادها لمواجهة جائحة عالمية، يقف وراءها فيروس مجهري غامض وكاسح وفتاك يمتلك سرعة فائقة في الانتقال والتفشي، خصوصا في وقت ما زالت الأبحاث الطبية والعلمية لم تتوصل إلى ضبط سلوكه وطرق انتقاله بالدقة المطلوبة وتخبط منظمة الصحة العالمية في قراراتها، كان آخرها سحب ورقة علمية تشير الى خطورة استعمال عقار كلوروكين (Chloroquine) أعدها ـ بطريقة أثارت الكثير من الجدل في صفوف المختصين ـ مجموعة من الباحثين تحت رعايتها، لتؤكد نجاعته من جديد، والتنافس “الغير مشروع” بين الشركات الكبرى لاحتكار إنتاج اللقاح للفيروس، الأمر الذي يجعل عملية اكتشاف لقاح معقدة وممتدة في الزمن. لتستمر الخسائر على مستوى العالم في صفوف الضحايا حيث بلغ عدد المصابين إلى حدود كتابة هذه الأسطر، ما مجموعه 16.262.481 مصاب، وتوفي منها 648.913 وخلفت خسائر اقتصادية فادحة، وشملت كل المفاصل الاقتصادية خاصة على مستوى النقل بمختلف أنواعه، وتضرر السياحة العالمية، وتوقف المصانع الإنتاجية بسبب اعتمادها على سلاسل التوريد.

يتبع…

خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر -1-

محمد ايت تمريرت

محمد ايت تمريرت من مواليد 1992، تارودانت. حاصل على الاجازة في الدراسات الاسلامية. حاصل على الاجازة في العلوم القانونية تخصص القانون العام. دار البيضاء.