خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر -4-

سلسلة تدوينات استقرائية لجائحة هزت كيان العالم

لقراءة الأجزاء السابقة:

الجزء الأول

الجزء الثاني

الجزء الثالث


في ظل تلك المتغيرات العميقة، لا شك أن الدول النامية أو الدول السائرة في طريق النمو سترتب سياساتها الخارجية وتحالفات وشراكات مبنية على مصالحها، وإعادة تموقع في الخارطة السياسية العالمية الجديدة، مراهنة على إمكانياتها الداخلية والخارجية، ومواردها البشرية والطبيعية.

والمغرب ليس بمعزل عن هذا التوجه، مما يتوجب عليه الانخراط في هذه الدينامية العالمية وفق مصالحه العليا، وامكانياته المادية والطبيعية، وقوته في العنصر البشري الذي أثبت مؤشرات إيجابية في تعاطيه مع الأزمة وأدارها بكل احترافية، في الوقت الذي انهارت فيه دول عظمى؛ مما يتطلب إعادة ترتيب البيت الداخلي لا سيما في الجانب التنموي والاقتصادي، ويتعلق الأمر أساسا بقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي والحماية الاجتماعية، إضافة إلى ورشين داعمين أساسيين، هما تسريع التحول الرقمي والحكامة الجيدة، متجها نحو تقوية اقتصاد الدولة، من خلال زيادة حجم الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الواعدة.

ومن المعلوم أن حجم ونطاق النفقات العامة سيعرف تزايدا مطردا نتيجة تلك الإجراءات المتخذة من أجل التخفيف من وقع تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية الناجمة عن تداعيات وباء “كوفيد-19” والتحويلات المالية من قطاع إلى قطاع آخر، خصوصا قطاع الصحة، التي لم تكن ضمن التوقعات التي بني عليها قانون المالية لسنة 2020. وحسب توقعات قانون المالية 2020، كان المبلغ الإجمالي للموارد المالية المتوقعة يصل إلى 264,51 مليار درهم. أما فيما يخص نفقات الدولة يتوقع إجمالي النفقات نحو 306,8 مليار درهم أي ما يشكل نسبة 25.3 في المئة من الناتج الداخلي. وكان من المتوقع أن تصل نفقات الاستثمار الى 78.2 مليار درهم لسنة 2020. (قانون المالي رقم 70.19 لسنة المالية 2020، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6838 مكرر بتاريخ 17 ربيع الآخر 1441 / 14دسمبر) لهذا ونتيجة وضع الركود الاقتصادي العالمي بشكل عام وبشكل خاص عند شركاء الرئيسيين للمغرب كالاتحاد الأوروبي... امتد تأثيره على المغرب، وتراجع مرتقب على مستوى موارد الميزانية والتي تبقى الموارد الجبائية هي موردها الرئيسي، وتوقف عملية الاستيراد والتصدير إذ تعتبر عائدات الجمارك إسهاما أساسيا في ميزانية الدولة، (ما يقارب 40٪ سنويا). ( وزارة الاقتصاد والمالية والاصلاح الاداري)، ووفق هذه المعطيات فمن المحتمل أن تلجأ الحكومة إلى القانون المالي المعدل.

وبالإضافة الى ذلك يقول محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن “الدول الناشئة تواجه خمسة تحديات أفرزتها التداعيات الاقتصادية الصعبة التي مازال يخلفها فيروس كورونا، أولها تراجع الإيرادات الضريبية، وثانيها انخفاض صادرات المواد الخام، وثالثها ارتفاع أسعار الفائدة، ورابعها انخفاض أسعار الصرف، وخامسها تراجع عائدات السياحة( محمد زين الدين. مقال. هسبريس. الأحد 10 ماي 2020).

يتبع…

خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر-4-

محمد ايت تمريرت

محمد ايت تمريرت من مواليد 1992، تارودانت. حاصل على الاجازة في الدراسات الاسلامية. حاصل على الاجازة في العلوم القانونية تخصص القانون العام. دار البيضاء.