دور المجتمع المدني في الترافع عن قضايا الإعاقة بالمغرب

عن القوانين المغربية في حماية المعاقين وإشراكهم في الحياة المَدنية

تقوم جمعيات المجتمع المدني بدور هام في تخفيف العبء عن السلطات العمومية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كما تُعتبر الجمعيات إحدى لَبِـنَـات الديمقراطية التشاركية بحيث تساهم في إعداد القرارات والبرامج والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها؛ وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم المشاركة وفق شروطٍ وكيفياتٍ يحددها القانون طبقا للفقرة الثالثة من الفصل 12 من الدستور المغربي. [1]

انطلاقا من هذا المقتضى الدستوري أعلاه؛ يمكننا التساؤل عن ماهية الدور الذي تلعبه جمعيات المجتمع المدني من أجل الترافع عن قضايا الإعاقة بالمغرب؟

لقد سَجّلت المملكة في السنوات الاخيرة وخصوصا مع إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، ارتفاعا في عدد الجمعيات حيث وصل إلى حوالي 130 ألف جمعية [2] سنة 2016. وعلى مستوى الإطار القانوني والدستوري المنظم للمجتمع المدني في المغرب، نجد القانون رقم 00-75 المُتمِّم والمُعدِّل لظهير الحريات العامة لسنة 1958 الذي سبق تعديله سنة 1973، حيث أزال بعض القيود التي تحد من حرية تأسيس الجمعيات وعملها.

 

ويتجلى تطور دور الجمعيات في أنها أصبحت تلعب دور الوسيط ما بين الدولة والساكنة في مجالات مختلفة في إطار مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين لتعزيز الدور الترافعي للمجتمع المدني في الدفاع عن مصالح المجتمع خاصة والترافع عن قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة خاصة، فمعلوم أن هذه الشريحة من المجتمع المغربي تعاني من عدة إكراهات عديدة رغم صدور العديد من التشريعات الخاصة بحماية حقوق الأشخاص المعاقين الذين يبلغ عددهم 2.264.672 شخصا [3] حسب الإحصاء الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2014 أي بنسبة 5،24 ٪ من الأشخاص الذي يصَرحون أن لديهم إعاقات بمختلف أنواعها، مما يستوجب إيجادَ إطار قانوني للترافع المدني عن حقوقهم ومطالبهم المشروعة؛ وإننا نلاحظ في هذا الإطار غياب اهتمام فعال بحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عند بعض الجمعيات التي يقتصر دورها في تلقي الدعم من الجهات المعنية دون المساهمة في الترافع المدني عن قضايا الإعاقة بالمغرب بشكل جدي وكذا في إغناء النقاش مع مختلف الفاعلين الرسميين.

تقرؤون أيـضاً علـى زوايــا

العمل الجمعوي.. عطـاءٌ أمْ أخذ ؟

حقوق الإنسان .. اتفاقياتٌ مطبوعة وآراء مَردوعة

شركاتُ المُناولة .. “عبودية” القرن الحادي والعشرين

كما نسجل في هذا الصدد عدم إشراك فعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال الإعاقة في إعداد النصوص التشريعية الخاصة بالاعاقة بالمغرب خاصة القانون الإطار المتعلق بحماية حقوق ذوي الاعاقة والنهوض بها رقم 97.13، لذا يجب إشراك  جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في مجال الإعاقة في المراحل الأولى لإعداد السياسات العمومية والبرامج الخاصة بالاعاقة في إطارٍ توافقي والمساهمة في إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها الشخص المعاق كالنقص في الولوجيات وهو مشكل يتعرض له الشخص ذو الاحتياجات الخاصة بكثرة في حياته اليومية مما يحرمه من قضاء مجموعة من الأغراض، وكذلك على مستوى وسائل النقل حيث أن بعض الشركات الموكول إليها تدبير مرفق النقل في بعض المدن كمدينة سلا، أصبحت تقوم بإجراءات تعسفية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة من قبيل إلغاء مجانية التنقل؛ هذا الحق الذي كانت تتمتع به هذه الفئة فيما مضى مما يستدعي تدخل مختلف الفاعلين الاجتماعيين المهتمين بشؤون الإعاقة على المستوى المحلي من أجل إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف بشكل توافقي، وكذلك العمل على إخراج بطاقة المعاق إلى حيز الوجود والتي ستُخَوِّل له عدة امتيازات.

 يجب، أيضا،على الجمعيات عقد شراكات مع الوزارة الوصية من أجل الترافع المدني عن قضايا الإعاقة بالمغرب عبر عقد ندوات وطنية تروم تعزيز الدور الترافعي للمجتمع المدني الفاعل في مجال الإعاقة وأيضا تنظيم ورشات تكوينية لفائدة الأسر في كيفية التعامل مع الشخص في وضعية إعاقة وذلك باستضافة خبراء في التحليل النفسي وتقوية دور الأسرة في الدفاع عن حقوق ذوي الاعاقة؛ كما ينبغي إنشاء تحالفات بين مختلف الجمعيات من أجل الدفاع عن قضايا الإعاقة بالمغرب وكذلك الضغط على المشرِّع من أجل تعديل بعض النصوص القانونية كقانون الولوجيات لتتلاءم مع المقتضيات الدستورية وكذلك القانون الإطار المتعلق بحماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والنهوض بهم، وأيضا تكريس المبدإ الدستوري القاضي بسمو الاتفاقيات الدولية فور نشرها في الجريدة الرسمية عن التشريعات الوطنية. 

هذه المطالب ولو كانت بسيطة إلا أنها يجب أن تلقى صدى لدى المسؤولين عن تدبير الشأن العام الوطني والترابي بالمملكة، ويُضاف إليها تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية من خلال آلية العرائض التي يتم إيداعها لدى السلطات العمومية والمجالس المنتخبة، وكذا مساهمة فعاليات المجتمع المدني في اتخاذ القرارات حوا المشاريع والبرامج والسياسات العمومية المتعلقة بالأشخاص في وضعية إعاقة، كما الترافع المدني الناجع والفعال في سبيل تحقيق المطالب العادلة والمشروعة  لهذه الفئة المحرومة من المجتمع المغربي.

ختاما، يتجلى دور الجمعيات في التعبئة بين مختلف الفاعلين الرسميين من أجل ترافعٍ فعال عن قضايا الإعاقة نظرا لاتساع قاعدة هاته الشريحة من المجتمع في السنوات اﻷخيرة؛ ومن أهم القضايا التي يجب على فعاليات المجتمع المدني الترافع من أجلها نذكر منها:

الحق في الولوجيات، 

الحق في التعليم، 

الحق في النقل بشكل مجاني…

ومن أجل الترافع بشكل ناجع وفعال، نقترح، في هذا الصدد، الخوض في مفاوضات بين فعاليات المجتمع المدني الفاعل في مجال اﻹعاقة والسلطات المعنية من أجل إيجاد حلول للعديد من الإكراهات التي يعاني منها الشخص المعاق وذلك في إطار توافقي، كما نحث المجتمع المدني على العمل لإيداع عرائض لدى  المؤسسات المنتخبة من أجل إدراج هاته النقطة في اجتماعاتها .

لكن، نُسجّل في هذا الإتجاه أن هناك قلة قليلة من الجمعيات التي تدافع عن حقوق ذوي الإحتياجات الخاصة وهمومهم، ليبقى السؤال مطروحا هل فعلا الجمعيات قادرة على الترافع عن قضايا اﻹعاقة بمغربِ حقوق الإنسان؟ أم يقتصر دورها في تلقي الدعم من طرف السلطات العمومية وفقط؟ 

هوامش

1- الدستور المغربي لسنة 2011.

2- البحث الوطني الثاني الخاص باﻹعاقة سنة 2014.

3- الإحصاء العام للسكان والسكنى سنة 2014.

مدونة زوايا

زوايا فريق شاب مؤلف من 10 شباب عرب مختلفي التخصصات والاهتمامات و غزيري الأفكار يجمعهم حب التدوين والرغبة في إثراء الويب العربي بمحتوى مفيد فريق زوايا ذو أفكار خلاقة وعزيمة متأهبة يعدكم بمحتوى مدوناتيٍّ أقل ما يقال عنه أنه استثنائي

‫2 تعليقات

  1. يشرفني ان اعرض عليكم حالة خاصة لمعاق حركي لما يتلقاه من معاملة ظالمة و غير عادلة و الضغط النفسي :

    يشرفني ان اتقدم الى جميع منظمات حقوق الانسان و و جمعيات حقوق الانسان و المجتمع المدني للمعاقين بهذا التظلم قصد المؤازرة و هو كما يلي
    الإعاقة محنة بلا حدود لا يمكن ان يقلص عنفها إلا مبادرات من طينة خاصة ؛ لكن هذه الطينة لا توجد في شخص قائد قيادة اكوديم و رئيس الجماعة الترابية اكوديم . كنت انتظر من هؤلاء تنفيذ البرنامج الحكومي 2017-2021 حيث اعتمدت وزارة الاسرة و التضامن و المساواة و التنمية الاجتماعية عدة اوراش مهيكلة لتنزيل مضامين السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية الإعاقة و ذلك وفق مخطط العمل الوطني الذي يضم من بين محاوره الستة محورا خاص ببيئة ميسرة للولوج يتم ترجمتها على شكل اربعة اوراش و 20 مشروعا و 104 تدبيرا . كما ان القانون الاطار رقم 13-97 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية اعاقة و النهوض بها الصادرة في ماي 2016 سيمكن من ملائمة التشريع المغربي مع مضامين المادة 9 للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص دوي الإعاقة التي تنص على توفير الولوجيات في بعدها الشامل و كذلك تزويد الفضاءات و البنايات المفتوحة في وجه العموم و القائمة منها و التي هي في طور الانشاء بالولوجيات اللازمة .
    و في هذا الاطار و اعتبار لكون الولوجيات كمنطلق اساسي لكل سياسة اندماجية للأشخاص في وضعية إعاقة بحيث انها تساهم بشكل رئيسي في الرفع من استقلاليتهم عبر ازالة كل الحواجز البيئية و المادية التنظيمية و كذا الثقافية التي تحول دون ممارسة حقوقهم و ولوجهم لمختلف الخدمات و الفضاءات المستقبلة للعموم و وسائل النقل و التواصل . اطلقت الوزارة البرنامج الوطني (( مدن ولوجة )) و بشراكة مع عدة جماعات ترابية . لكن هؤلاء قاموا بعكس ذلك حسب جواب المديرية الجهوية للفلاحة بالراشيدية ؛ حيث غيروا دراسة الطريق غير مصنفة الرابطة دوار ايت مرزوك و الطريق الإقليمية 7319 التي صممها مكتب الدراسات المتخصص على مستوى دوار اكوديم . فوضعوا منشآت في غير أماكنها المقررة لها مما تسبب في إلحاق أضرار جسيمة بالمسلك الذي امر به و يعلمون انني معاق حركي أمر بذلك المسلك و اعيش في تلك المنزل اكثر من ثلاثين سنة . و أصبح المسلك الذي امر به بكل حرية و استقلالية مخربا و حاجزا ومانعا أمامي للذهاب الى مقر عملي و احتاج الى شخصين أو أكثر لعبور هذا المسلك .فهؤلاء يتصرفون كالواحد القهار بلا رقيب ولا حسيب و بدون شفقة ولا رحمة . وهذا التغيير في الدراسة يطرح عدة علامات استفهام لدى الساكنة ؟؟؟؟؟.اريد أن أذكر هؤلاء و أذكر الجميع بأنه يجب أن لا ننسى أن كل شخص معرض للإعاقة في كل مكان وزمان .و الاعاقة قدر لم اختره ولكن اقبل التعايش معه . وجهت رسالة الى السيد القائد قيادة اكوديم ولم اتلق أي جواب في الموضوع كما وجهت رسالة الى السيد رئيس الجماعة الترابية اكوديم لكن بدون رد كذلك و رسالة الى السيد العامل لكن بدون رد . بالرغم من الدعوة الصريحة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب سابق الى الادارات و المؤسسات العمومية بضرورة التفاعل مع شكايات المواطنين .. اتسائل هل هؤلاء ليسوا مسؤولين على الادارات و المؤسسات العمومية ؟ ان غياب الولوجيات في المشاريع التي في طور الانجاز في الوقت الحاضر يعتبر تمييزا ان كل تمييزا ضد أي شخص على اساس الاعاقة يمثل انتهاكا للكرامة و القيمة المتأصلة للفرد الهاتف و البريد الالكتروني اسفل الكتاب . .
    التمس من سيادتكم الموقرة التدخل العاجل لدى الجهات المختصة قبل الانتهاء من الأشغال لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان و رفع الضرر عن المسلك الخاص بالمعاق و منزله و إرجاع الحالة الى ما كانت عليه و هذا اضعف الايمان . و تقبلوا سيدي فائق الاحترام و التقدير
    0628313978 simo123456simo@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *