لولا أنني لا أحب الهجاء

لَوْلَا أَنَّنِي لَا أُحِبُّ الهِجَاءَ
لَكُنْتُ جَعَلْتُ مِنْكَ حِذَاءَ

إنَّ هِجَائِي بَرْدٌ فَلَوْ أَفَاءَ
شُد عَلَيْكَ مِنْ بَرْدِهِ رِدَاءَ

أيَا عُبيْد اللهِ إِنَّهُ لَفَاتِكٌ
وَلَأَبْدَتْ عَيْنَاكَ مِنْهُ بُكَاءَ

لَوْ لِلْقَصِيدِ رَأي فِي شِعْرِكَ
أيُّهَا الثَّعْل لَمْ يَرْجُ لَهُ بَقَاءَ

مُذْ قَرَأتُ قَصِيدَكَ أتَأَفَّفُ
مِنْ نَتَانَتِهِ ضَخَّ فَمِي المَاءَ

جُرْثُومٌ تَنْقل حَوْلَكَ المَرَضَ
مَتَى تَلْفُظُ القَوْلَ تُخْرِجُ دَاءَ

عَلَيْكَ أنْ تَشْكُر لِرَبِّكَ فَلَمْ
يَذْكُرْ لَكَ بَرْدِي أُمًّا وَآبَاءَ

وَلَا تَظُنَّنَّ بِذَا أنَّكَ بَرِيء
اللهُ أعْلَمُ لَكِنِّي لَسْتُ بَذَّاءَ

تَطَاوَلَ بِغَيْرِ حَقٍ اِبْنُ مُحَمَّدٍ
عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ لِأحَدٍ هِجَاءَ

أمَا وَقَدْ أخْطَأَ اِبْنُ مُتَثَرْثِرَةٍ
فَقَدْ أَوْفَدَ اِزْدِرَائِي إِلَيْهِ بَلَاءَ

هَلْ قَرَأْتَ لِلْقَبَّانِيِّ قَصِيدَةً
أمْ زِدْتَ ذَاتَكَ بِدَرْوِيشٍ ثَرَاءَ

لَاَ يَجِيء مِثْلِي بِفَمِ إِمَّعَةٍ
كَفَاكَ حَمَّلْتَ نَفْسَكَ أعْبَاءَ

لَوْ عُرِضْتَ عَلَى أطِبَّاءٍ وَطِبِّ
لَمْ يَصْنَعَا لِعَجْرَفَتِكَ دَوَاءَ

عَجَارِفُ حَدِيثِكَ تَقُوُلُ لِي
يُظْهِر صَغِيْرٌ لِلْكُبَّارِ بَغْضَاءَ

صِغَار النَّاسِ وَصِغَار الأنْفُسِ
لَوْ قُوُرِنَا بِكَ لَصَارَا سَوَاءَ

كَلِمُكَ النَّتِنُ مَلَىءَ أجْوَائِي
نَتَانَةً فَمَن يُغَيِّرُ لِي الهَوَاءَ

إِنْ قَوِيَ لِسَانُ الأبْكَمِ الكَلَامَ
هَجَا فِيْكَ أشْياءً وَأشْيَاءَ

إِنَّك جَائِعٌ لِلْمَهَانَةِ حَتَّى
تَلْتِهمَ هَجْوَكَ إِفِطَارًا وَعَشَاءَ

وَلاَ هِجَائِي أَنْتَ تَسْتَحِقّهُ
بِئْسَ صَغِيرٌ يُحَاكِي الكُبَرَاءَ

سَاءَ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللهِ مَنْ
فِي كُلِّ حَدِيثٍ لَهُ نَتِنٍ أَسَاءَ

وَلَا مَسْعى لِمَنْ كَانَ مِثْلهُ
فَمِثْلهُ يُهْجَى وَلا يَرَى ثَنَاءَ

زَعَمَ أَنَّهْ اِبْنُ نَسَبٍ ذُوُ شَرَفٍ
كَمْ زَعَمَتْ قَحْبَةٌ شَرَفًا لَفَّاءَ

الكُلُّ عَرَفَ أَنَّهُ يَدَّعِي كَذِبًا
كَمَا عَرَفُوا القَحْبَةَ الحَمْقَاءَ

لِتَعْلَمَ لَمْ أَقُلْ فِيكَ أُكْذُوبَةً
اِفْتَرَيْتُهَا وَلا اتَّبَعْتُ الأَهْوَاءَ

مَا فِيكَ أَمْلَى عَلَيَّ كِتَابَتَهُ
كَمَا يُمْلِي اليَقِينُ الأُدَبَاءَ

إِمَامُ الخِطَابِ بِشَاعِرٍ يُطْلِقُ
لِسَانِي الكَلَامَ مَتَى شَاءَ

بَعْضُ الكَلَامِ لِلْشُعَرَاءِ مُهْلِكٌ
لَطَالَمَا خَلَّفَ لِلْشُعَرَاءِ أَعْدَاءَ

فَبَعْضُهُم أَصْبَحُوا أَسْرَى
وَبَعْضُهُمْ أَمْسَوا قُتَلَاءَ

صَفَّدَ أَحْرَارًا وَأَفْنَى أَحْيَاءً
وَلِرَعِيْلٍ خَلَّا حُسَّدًا بُغَضَاءَ

مَنْ كَانَ مِثْلِي يَصْدُقُ وَمَنْ
مِثْل عَبْدِ اللهِ يُكِذِّبُ الإِمْلاَءَ

يَحْسَب كُلُّ غَبِيٍّ غَبَاوَتَهُ
مِنْ فَرْطِ غَبَاوَتِكَ ذَكَاءَ

لَكَ مِنْ كُلِّ شَاعِرٍ أُهْجُوَّةٌ
تُقَالُ فِيْكَ صَبَاحًا وَمَسَاءَ

أَسْتَغْفِرُ الإِلَهَ قَدْ أَذْنَبَنِي
صُعْلُوكٌ لَا يَعْرِفُ الشُّعَرَاءَ

رشوان حسن

كاتب وشاعر مصري كاتب‏ لدى ‏"موقع الحوار المتمدن‏" منذ ٢٥ تموز (يوليو) ٢٠٢٠، و"صحيفة ‏دنيا الوطن‏" منذ ٧ تموز (يوليو) ٢٠٢٠. وفي مجال الشعر تتواجد عدة قصائد منها: "ماعدا يارقيقة ذكراك"، و"سل ما الشوق"، و"ردي عشقي كيفما شئت رافضة"، و"مالي أرى ما لا أشاء أنا رؤيتهم"، و"لا تحسبي قلبي في البعاد ينساك" وغيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *