“الإنسان والخيارات: بين الخير والشر”

‏في وصف دقيق ومُبهر عن الخير والشر وحقيقة الإنسان، يقول الكاتب البرتغالي أفونسو كروش: “لا أستطيع أن أقول عن إنسان أنّه طيب إلا إذا كان لديه القدرة على فعل الشر ولم يفعل. يجب أن يكون لديك الخيارات لتعرف حقًا من أنت” .!!

عندما نتحدث عن الخير والشر وحقيقة الإنسان، نجد أنها تمثل موضوعًا شائكًا ومعقدًا يحتاج إلى تفكير عميق وتأملات دقيقة. فالإنسان كائن معقد يتأثر بعوامل كثيرة، ويمتلك إمكانية الاختيار بين الخيارات المختلفة، سواء كانت إيجابية أو سلبية.

فيما يتعلق بتعريف الخير والشر، يمكننا أن نقول إن الخير هو العمل الذي يُحسن حياة الآخرين ويساهم في رفاهيتهم وسعادتهم. والشر هو العكس، إنه الفعل الذي يسبب الأذى والضرر للآخرين ويخل بسلامتهم وسلامة المجتمع بشكل عام.ومع ذلك، عندما ننظر إلى الإنسان، فإن القضية تصبح أكثر تعقيدًا.

فالإنسان يمتلك قدرة على اتخاذ القرارات واختيار الطريقة التي يرغب فيها في التصرف. وهنا يكمن الجانب المثير للجدل في القول الشهير للكاتب البرتغالي أفونسو كروش.”لا أستطيع أن أقول عن إنسان أنه طيب إلا إذا كان لديه القدرة على فعل الشر ولم يفعل. يجب أن يكون لديك الخيارات لتعرف حقًا من أنت.”، إن هذا الاقتباس يعكس فكرة أن الخير والشر لا يكمنان فقط في القدرة على القيام بالأعمال الحسنة أو السيئة، ولكنهما يحتاجان إلى توفر الخيار والقدرة على الاختيار بينهما.

يعني ذلك أن الإنسان الذي يكون لديه القدرة على فعل الشر ولكنه يختار الخير، هو الإنسان الحقيقي الذي يتمتع بالقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والتصرف بناءً على الأخلاق والقيم الإنسانية السامية.

عندما يمتلك الإنسان القدرة على فهم النتائج المحتملة لأفعاله ويتحمل مسؤولية اختياراته، يظهر الخير الحقيقي في طبيعته. يمكن للإنسان أن يتحلى بالصبر والرحمة والعطف والعدل، وأن يستخدم قوته وقدرته لمساعدة الآخرين وتعزيز العدالة والتقدم في المجتمع.ومع ذلك، قد يتساءل البعض: هل يكون الشر ضروريًا لفهم الخير؟ هل يحتاج الإنسان إلى القيام بالشر لكي يدرك قيمة الخير؟

ربما يكون الجواب مختلفًا بناءً على طبيعة الخبرات والتجارب الشخصية لكل فرد. بعض الأشخاص قد يكونون قادرين على التعلم من خلال الإيجابية والخير دون أن يقوموا بتجربة الشر بأنفسهم.

ومع ذلك، يمكن أن يكون الشر تجربة ضرورية للعديد من الأشخاص لفهم قيمة الخير والتأثيرات السلبية للأفعال السيئة.على الرغم من ذلك، يجب أن نلاحظ أن الشر ليس مجرد عمل بل هو حالة من الفكر أو الروح. قد يتجسد الشر في أفعال ملموسة مثل العنف والظلم والكراهية، ولكنه أيضًا يمكن أن يتجلى في التفكير السلبي والانغماس في الأنانية والطمع والغيرة.

في النهاية، يبقى الإنسان كائنًا معقدًا يتأثر بعوامل عديدة في حياته، ولكل شخص قدرة على الخير والشر. إن القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة والتصرف بالخير هي ما يعكس حقيقة الإنسان ونبله. قد تتغير اختيارات الإنسان مع مرور الزمن وتجاربه الحياتية، ولكن القدرة على التعلم والتطور وتحقيق التوازن بين الخير والشر هي ما يميز الإنسان ويجعله كائنًا اجتماعيًا ذا قيمة حقيقية.

لذا، لنتحلى بالتسامح والتعاطف ونسعى لفهم بعضنا البعض، ونستخدم قدراتنا الإنسانية لصنع الخير ونشره في العالم. لا ننسى أن الخيارات التي نقوم بها تحدد حقيقتنا كأفراد وتأثيرنا على العالم من حولنا. لنجعل اختياراتنا اليومية تعكس القيم النبيلة والحكمة ونسعى لتحقيق الخير ونشره في كل مكان.

الشهبي أحمد

استاذ التعليم الثانوي التأهيلي ،روائي وكاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *