في مستشفى الولادة يولد الأمل

في مستشفى الولادة، عالمٌ مختلف يُبصر النور. هناك، تجتمع الحياة والأمل معًا، وتنبض الأرواح بالفرح والانتظار. أراهنك أنّك لن تشعر بمثل هذه الطاقة في أيّ مكان آخر. دعنا نخوض رحلةً سرياليةً داخل أروقة هذا العالم الخاص، حيث يتجدد الحياة وتتجلى العجائب.

تمرّ الدقائق ببطء، وكأنّ الزمن يعلم أنّ لحظة الولادة لها طابعٌ خاص في تاريخ كلّ أسرة. تتدافع الذكريات والأحاسيس في قلوب الآباء والأمهات، وتتناثر مشاعر الفرح والتوتر بين أفراد العائلة المنتظرين على أحر من الجمر. تتحرك الساعات بتمهّل واسترسال، حتى يأتي ذلك اللحظة الحاسمة، اللحظة التي يولد فيها الطفل للعالم.

تستيقظ قاعة الولادة للحياة، حينما تُشعَل أضواءها بألوانٍ مشرقة، تُشبه الأمل المنبعث من قلوب الموجودين فيها. يجتمع الطاقم الطبي المختص بالنساء والتوليد بكلّ خبرة وتفانٍ حول الحامل، محاطين بها كالدروع الواقية. تصبح الغرفة مسرحًا لعرضٍ مدهش، حيث يتقاطر الضوء من النافذة المفتوحة، لينساب بلطفٍ فوق أرجاء الحجرة، مُضيئًا بذلك ملامح الأمل والفرح على وجوه الموجودين.

تشدّ المرأة الحامل على يد شريكها بقوة، حينما تبدأ المخاض. تبدو أحداثا لا نهائية تمرّ بدقائق معدودة، وهم يشهدون معًا على قوة الطبيعة وروعتها. تُصاحب أنفاسها تناقضات الحياة، فتارةً تهب السكينة والسُكون في المكان، وتارةً أخرى تتعالى أصوات الصرخات والهتافات التي تشيد بشجاعة الأم الحاضرة

يتبعها صمتٌ مهيب، يملؤه الانتظار والترقب للحظة الحاسمة. يترقّب الجميع بقلق وفرح، تاركين أملهم في أن تحمل المرأة في أحشائها ضيفًا جديدًا يجلب معه الفرح والسعادة. تزداد الإيقاعات وتتلاحم أصوات الدقائق والثواني، حتى يأتي ذلك اللحظة الحلوة، لتعلن فيها الحياة عن ولادة جديدة.

الولادة
صورة تعبيرية

ترتسم البسمة على وجه الأم وهي تحمل طفلها الصغير، وتدفع بكل قوةٍ من أجل أن ترى وجهه للمرّة الأولى. تنتابها مشاعرٌ لا يمكن وصفها، فتجتاحها دفعةٌ من السعادة والعشق لذلك الكائن الصغير الذي يحمل جزءًا منها في وجوده. وترى في عينيه عالمًا جديدًا، وفي ابتسامتها تجد الأمل المتجدد.هنا، في مستشفى الولادة، يتجلى جمال الحياة وروعتها في أبهى صورها. تتناثر الأنفاس والبهجة في جوٍ من الفرح والاحتفال، حيث يشهد العالم قدوم مولود جديد. تمتزج المشاعر بين الآباء والأمهات والعائلة بأكملها، في محفلٍ رائع يصعب وصفه بالكلمات.

وعلى جنبات هذا العالم الرائع، يعمل فريقٌ طبي متخصص بكلّ اهتمام وحنان، للحفاظ على صحة وسلامة الأم والطفل. يتابعون نموه وتطوره، مُضيفين لمسةً من الحنان والدفء على الطفل الصغير. وتسري الأنسام والأغاني في الممرات، تعبيرًا عن فرحة الموجودين بهذه المناسبة السعيدة.

يعبر المستشفى عن مشهدٍ مهيبٍ للحياة، حيث تبتسم الأمهات وتُحاط بحبٍ ودعمٍ من العائلة والأصدقاء. يحلّق الفرح عاليًا، وتصدح أصوات التهاني والتبريكات لمن حظي بنعمة الأمومة والأبوة. ففي هذا العالم الخاص، يشتاق الجميع للحظاتٍ سعيدة ولقاءاتٍ مميّزة، ويحملون في قلوبهم ذكرياتٍ لا تُنسى.

إنّ مستشفى الولادة ليس مكانًا عاديًا، بل هو عالمٌ سحري ينبض بالحياة والحب. هنا، يولد الأمل من جديد، وتستعيد النفوس بريقها ورونقها؛ إنّه عالمٌ يجمع بين المعجزة البشرية وعظمة الطبيعة، ويظل خالدًا في قلوب الآباء والأمهات والجدات والأجداد.

في مستشفى الولادة يولد الأمل

الشهبي أحمد

استاذ التعليم الثانوي التأهيلي ،روائي وكاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *