تدوينة متصدرة

#ساحات_المغرب .. “ريبيرتْوار” جماعي لتاريخ الأمة | الجزء 2

عن أشهر الساحات المغربية، كلُّ ساحةٍ تتحدث بلسان حالها

الفدّان’ .. ذاكرةُ مدينة

أنا حلقة الوصل بين العربي الإسلامي والإسباني الأندلسي، وعندي كايتلاقاو، كدليل على أن تطوان رمز التعايش بين الديانات ونقطة التقاء الحضارات..

خُلقت ف عام 1918، وتحكم عليا بالإعدام ف منتصف الثمانينات!! قالو أنهم عدموني باش يوسعو باحة القصر الملكي اللي كاتسمى حاليا المشور السعيد، ولكن التطوانيين عندوم رأي آخور، حيت الهدم ديالي مورا انتفاضة الجوع د 1984 كدخلي بزاف د علامات الاستفهام اللي عمرا تمحى م الذاكرة!! 

وحيت أنا كنت كنمثل الأيقونة د المدينة، كنت ملتقى أهل البلاد ف كل المناسبات الدينية والوطنية، عندي كانو كايباركو العيادات وعندي كانو كايتعملو المظاهرات، وعندي نيت كانو يرتاحو الكبارين ويفوجو، ويلعبو الصغارين ويتسلاو. 

ماريانو بيرتوتشي، ولد غرناطة والمفتون بتطوان اللي عاش فيها تقريبا 30 عام، وساهم بشكل كبير ف الإقلاع الحضاري د الحمامة البيضاء، هو اللي رسم ونقش بْيْدُّو الأرضية ديالي اللي كانت مصنوعة م المرمر وأجود أنواع الرخام الأوروبي.

كنت كنتسمى “ساحة إسبانيا” ومورا الاستقلال تسميت “الفدان”، وحاليا ملي تعاود البناء ديالي ف جهة أخرى د المدينة زادوني لقب، “الفدان الجديد”، ولكن كيما كايقولو سيادنا اللوالا “الجديد مالو جدة والبالي لا دفرط فيه”.

‘باب الحد’ .. عظمة الموحِّدين 

كاين اللي غايستغرب م العنوان وغايقول حقا نساو واحد الألف ف كلمة الحد حيت سميتها باب الاحد نسبة لآخر يوم ف السيمانة!! ولكن كان اختلاف، اللي تايقول باب الاحد حيت كان كايتقام عندي السوق الأسبوعي نهار الأحد، واللي تايقول باب الحد واللي كاتعني العقوبة ف العربية الفصحى؛ والسبب التاريخي أنه، فحال شلا بيبان ف المغرب منهم باب محروق ف فاس وباب سيدي عبد الوهاب ف وجدة، هنا كان السلطان كايعلق الريوس المقطوعة ديال المتمردين او اللي علنو العصيان (بحال اللي ماكايخلصوش الجبايات او كايخونو السلطة) باش تكون عبرة لأي واحد فرد كان او قبيلة يخمم ويعاود قبل ما يدير شيحاجة، وأبرز حدث ف هاد الموضوع هي المجزرة ديال قبايل زعير عام 1887 اللي تقطعو فيها 85 راس تملحو وتعلقو مقسمين هنا ف ساحتي و ف مدن اخرى، وماكانتش الوحيدة ف حقهم ولكن سبقوها غارات بزاف قبل وخا كانو أقل بشاعة من هادي.

كنتعتبر أهم ساحة ف العاصمة حيت تابعة لأهم باب ف السور الموحدي ديال رباط الفتح وبلاصتي استراتيجية بزاف ف وسط المدينة وفوق البحر شوية قريب للقصبة ولوداية، وكنفتخر نكون من أجمل ما شيد السلطان يعقوب المنصور الموحدي ف القرن 12، ومن ديك الوقت وكل مرة كايجيو إصلاحات كايزيدوني أهمية، أبرزها ديال السلطان العلوي مولاي سليمان عام 1814 والإصلاح الحالي اللي غايأكد مكانتي كأهم ساحة ف الرباط والقبلة ديال الرباطيين والمغاربة كاملين. 

تقرؤون أيضــًا على مدونة زوايا

#ساحات_المغرب .. “ريبيرتْوار” جماعي لتاريخ الأمة | الجزء الأول

وزان .. ضمانة الحب

مستويات التضخم والواقع المعيشي بالمغرب

ساحة التحرير ..  فخامة الاسم تكفي

من القرن 17 للقرن 20، أي قبل الاستقلال أو نقولو ف الاستعمار اللولي د العرايش، كانو عندي شلا سميات؛ السوق د برَّا، السوق الكبير، الرحبة وسوق الخميس، عاد سماوني ساحة إسبانيا ف الاستعمار الثاني عام 1923، وعاد ساحة التحرير بعد الاستقلال.

الأمر د البناء ديالي خارج أسوار مدينة العرايش عند “باب المدينة” جا بأمر ملكي مباشر من مدريد من العاهل (فليبي الثالث) ملي دخلو العرايش فالقرن 17، باش ما يخليوشي المغاربة يدخلو يتسوقو وسط المدينة ويتسببو ف اي خطر على التواجد الإسباني. وبعد الاحتلال التاني جا الأمر باش توسع العرايش برا الاسوار وتبنى المدينة الجديدة اللي كتسمى الإنسانتشي (أي التوسعة)، اللي خلات العرايش تكون المدينة التانية المهمة من بعد تطوان اللي كانت عاصمة منطقة النفوذ الإسباني ف الشمال والجنوب ديك الساعة، وهاكدا خديت شكلي الحالي كتحفة معمارية منا كايبداو الطرقان وفيها كايتسالاو. وعلى هادشي، السلطات الإسبانية دورتني بأهم البنايات والمراكز فديك الوقت، فحال الكاسينو العسكري، إيديفيثيو سنترال، بناية سرفانتس، فندق إسبانيا، مبنى ليكسوس وباب المدينة.

الشكل ديالي اللولي كانت كتوسطو النافورة الكولونيالية والرياضات والشجر فحال اللي كاينين ف الأندلس، ومزوقين بتشكيلة د الرسومات الملونة والصور الرخامية التي كتصور أهم معالم المدينة. وبعد إصلاحات بزاف مرة مزيانين ومرة عيانين، حاليا تم استرجاع الشكل النموذجي اللولي ولكن بتغيير الذوق الكولونيالي بآخر مغربي إسلامي تراثي، ورجع الشكل الأصلي د النافورة الرئيسية والأعمدة اللي معاها، كيف ما رجعت الخضورة وتزادو النخل على اللي كانو باش عطاو الشكل الحالي المزيون اللي كيتناسب بزاف مع المحيط العمراني الموريسكي. 

“الهْديـم”..  للفُرجة عنوان

سولو الشاعر العراقي سعدي يوسف على أحب مدينة على قلبو، وجاوب قال «مكناس، إنها توازي باريس بالنسبة لي… مدينة الأسوار والجمال والساحات».

وأنا الهديم، أم الساحات وأهم ما كاين ف المدينة والمركز السياحي والتجاري والثقافي ديالها. 

وصفني الشاعر زكرياء حداني وقال “في جماليتها تضاهي ساحة جامع الفنا في مراكش وباب بوجلود في فاس، ولعل ما يزيد من رونقها هي تلك الصورة الجميلة التي يرسمها المسرح الشعبي المعروف بفن السرد… والمطاعم والمقاهي ومحلات بيع منتجات الصناعات التقليدية الممتدة على جانب السوق القديم”

سميتي أصلها راجع لعمليات الهدم اللي قام بها مولاي إسماعيل للبنايات اللي كانو قبالت القصبة السلطانية باش يجهز فضاء واسَع يجمع فيه ويستعرض لجيش قبل ما يخرجو ف أي حملة عسكرية، وشْكلْتْ ديك الوقيتة المشور ديال القصبة قبالت الدخلة ديال المدينة من باب منصور لعلج، الباب العظيم اللي الهيبة ديالو كتزعزع الخواطر د كل من شافو من قريب أو بعيد، واللي كان ف أواخر القرن 17 وبداية القرن 18 تايستقبل فيه المبعوثين الديبلوماسيين، ودايرين بيا المعالم التاريخية و 47 كلم ديال لسوار اللي ماتلقاش بحالهم ف الحجم والارتفاع. 

كايشبهوني ويقولو هديم مكناس وفنا مراكش، ولكن المكانسة الاحرار كايعيبو هاد التشبيه، حيت جامع الفنا تبنات ف الأصل لأغراض عسكرية وقضائية، أما أنا فتزاديت باش نكون متنفس ديال الحياة ف العاصمة الإسماعيلية، معشوقة الشعراء و أميرة وسط شجر الزيتون ف مكناس اللي من 1996 وهي مصنفة عند اليونسكو تراث عالمي، حيت عندي تجمعو كل أشكال الفرجة من فنون الحكي والنكتة ديال الحْلاقي والفلكلور الشعبي (بحال عيساوة وحمادشة) وصحاب اللفاعي والقرود ومَّالين ألعاب الخفة، ووقتاش ما سمعتو “كان يا ما كان حتى كان الحبق والسوسان فحجر النبي العدنان” عرفو بلي راكم ف الهديم. 

“السوق د برَّا” .. ساحة من زمن الأناقة

السوق د برَّا أو السوق البراني، ساحة ماشي فحال أي ساحة، كنفتخر أنني عشت طفولة مفشحة ومخنتة وما ناقصا حتى خير مع ناس طنجة العالية .. أيام موحالشي ترجع ف هاد الزمن اللي نقدر نسميه زمن الردة.. الردة ديال كلشي.

نعاودالكم فحال الخرافة ونتوما سمعوني يا الحُضَّار.

أنا ساحة البُسَطَا واللي ضاق بيهم الحال، النخبة ديال ناس طنجة والزوار ديالا كانو كايتجمعو ف السوق الداخل ف پلاثا سنترال باش يتبايعو ويتشاراو ويعقدو الصفقات، بينما عندي كانو يتجمعو الدراوش يترزقو الله ف الربيع والنعناع والبطاطا والجعدة وكل ما يتحتاج ف الكوزينة التقليدية، ويجمعو رزقوم ويدخلو من باب الفحص مع المغرب قبل ما يتشدو البيبان على عادة المدن القديمة كاملة.

ف نهاية القرن 19، تحولت من سوق محلي صغير ن سوق أسبوعي كايجيه العادي والبادي من أطراف المدينة القريبة والبعيدة، قبل ما يبداو الأعيان يعملو عندي الحفلات والعروض ديالوم، وقبل ما نتحول شوية بشوية ن امتداد ديال المدينة القديمة ن البنايات الجديدة. وف أيام الحماية، كانو البنايات د الحكومة الدولية والمقر د المندوب الدولي عندي واللي هو المحكمة التجارية حاليا اللي فيها شجر عمرو 300 عام شاهد على حياتي كاملة. وغير حداهم شوية فوق شي دروج كاين واحد المنصة صغيرة منا خطب الملك محمد الخامس يوم 9 أبريل 1947 الخطبة الشهيرة ديالو اللي خبر فيها دول الحماية بلي جا الوقت اللي لازم تخرج فيه من طنجة و م المغرب كامل، وقال فيها: “وأن نزور مدينة طنجة التي نعدّها من المغرب بمنزلة التاج من المفرق، فهي باب تجارته ومحور سياسته”. 

ساحتي شهدت على أي حاجة عرفاتا طنجة؛ مني داز التخلف والتقدم، وفوق أرضي تعايش المسلمين والنصارى واليهود، وعندي سطاسيونات أفخم الطوموبيلات د العالم حدا البغال والحمير، وحولي كانت المساجد والبِيَع والكنائس، وقبور المسلمين واليهود والنصارى والمجوس. ف السوق د برَّا تجاورت الجامع د سيدي بوعبيد من جهة مع أقدم سينما ف طنجة، سينما الريف، السينما اللي شهدت أوج العطاء والحس الفني ديال ناس ديك الزمان. مني كانت كدوز المواكب الدينية والأولياء د الزوايا، وقدامي فتحو الحوانت ديال الحدادين اللي ازدهرت التجارة ديالوم ملي بداو طنجاوة يبدلو بيبان الخشب ب بيبان الحديد بعد ما انفلت الأمن ف المدينة.   من عندي، أنا السوق د برَّا، داز كلشي، وما بقا فيا غي الاسم بعدما مشا الشان والمرشان.

كانت هذه حكايات ساحاتٍ تعدّ الأشهر والأهم ببلاد المغرب، وغيرها الكثير من الساحات الشاهدة على جذور هذا البلد الضارب في عمق التاريخ، فهل تحدّثوننا عن ساحاتكم وأمجادها؟ 

على هامش التدوينة :

الشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في كتابة هذا التدوينة،خصوصا الآنسة زينب برادة، السيد ياسين عبد الواحد والسيد Soumbounou Samba عن جمعية ” Casa mémoire”. 

حمزة بوهلال

مدون وعضو فريق زوايا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *