التعليم في المغرب متى ينتهي عهد الارقام الصادمة

عن الهدر المدرسي وتدني المستوى التعليمي بالمغرب

« T’échappes à la police, pas aux statistiques »
قد لا تصدق كل الاحصائيات لكنك لا تستطيع ان تتنصل منها ولا تعبأ لها وهي تعاود السير في عقلك ذهابا وايابا، خاصة عندما يكون للأمر علاقة بالتعليم!
أطلق البنك الدولي سنة 2018 ما سمّاه مؤشر المال البشري والذي يُحدد مقدار إسهام الصحة والتعليم في مستوى الإنتاجية المتوقع أن يحققها الجيل القادم من الأيادي العاملة. ومن خلال هذا التعريف البسيط ،يمكن القول أن أي فجوة في هذين القطاعين من شأنها أن تكبد أي بلد تلك الخسارة التي لو كان الاستثمار في البشر وروح عالم الأشخاص طاغيا, لكان المكسب كبير للفرد,والمجتمع والاقتصاد.

فعلى سبيل المثال, كل سنة اضافية يقضيها الطفل في الفصل الدراسي تساهم في رفع مداخيل الاقتصاد بما يقارب%8 .
وأستحضر مع هذه الدراسة آخر الأرقام التي كشف عنها وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة, بخصوص عدد المنقطعين برسم الموسم الدراسي 2021-2022 والذي بلغ مجموعهم في مختلف الأسلاك التعليمية 334ألفا و664 منقطع ومنقطعة.
إذن نحن أمام موسم دراسي آخر نحصي معه الهدر والانقطاع وخيبات الأمل!

ففي الوقت الذي يُذكرنا أهل الاختصاص بأهمية التعليم في المراحل الاولى من حياة الإنسان ،حيث أن عائد الاستثمار قبل سن الثامنة عشر يتضاعف من 1,5 إلى 5 مرات مقارنة بما يمكن كسبه من أي استثمار بعد هذه المرحلة الذهبية ,نجد أن :
• نسبة التمدرس لا تتعدى % 50؛ أي أن نصف من هم في سن التمدرس لايذهبون الى المدرسة!
% 50 من الاطفال الذين يولدون اليوم سيحرمون من نصف قدراتهم وإمكانياتهم … وذلك لان الدولة لم تستثمر بالشكل الفعال للحصول على ساكنة متعلمة, مرنة وجاهزة لسوق العمل في المستقبل.
وليس المستقبل أكثر فجاعة من حاضر يُقر فيه % 40 من المشغلين أنهم لا يجدون عند التوظيف الكفاءات المطلوب توفرها, مع العلم أن نسبة البطالة المصرح بها تتجاوز 10 في المائة.
وبالعودة إلى مؤشر المال البشري ,والذي يرتكز على ثلات مكونات ( survie ,scolarité et santé ) ,
نجد أن البنك الدولي يعتمد فيما له علاقة بمكون التمدرس على معيارين:
المعيار الأول : مقدار التعليم
وتعتبر مدة 14 سنة الحد الأقصى لسنوات التمدرس التي على الطفل أن يكون قد استفاد منها عند بلوغه الثامنة عشر من العمر ابتداء من المراحل التعليمية قبل المدرسة في سن 4 سنوات. وفيما يخص معطيات المغرب, فقد قُدر عدد سنوات الدراسة عند الطفل المغربي ب 10,6 سنة. على أمل أن يمكن النهوض بالتعليم الاولي من الرفع من هذا المقدار بسنتين على الاقل.
المعيار الثاني: جودة التعليم
والتي تقاس بنتائج اختبار التحصيل العلمي ومدى ملاءمته الى مقياس درجات الاختبارات المنسقة دوليا في الرياضيات والعلوم. وتتوافق درجة 625 مع معيار الأداء المرتفع,فحين تعد 300 الأداء الأكثر انخفاضا. ويأتي أداء المدرسة المغربية متدنيا ب(367 ) حسب TIMSS
( trends in international mathematics and science study ) .

تقرأ هذه الارقام و تخبط كفا بكف, لكن كل ما سبق ليس بأهمية سؤال من المسؤول؟

هل هي الأسر التي أنهكها الفقر فلا ترى ماهو أبعد من ارنبة انفها، غياب غير مبرر و انجاب غير مسؤول؟
أم أصحاب القرار في القطاع والذين يتخبطون بتضخيم مقصود لبرامجهم وكمن يجرب مفاتيح كثيرة قبل ان يهتدي للمفتاح المناسب؟..نسوا أنهم يعبثون بالتعليم… الحليف الأنيق لكل حضارة.
أم مجتمع مدني يضخم اشياء ويطمس اشياء؟
اعلم اننا اعتدنا هذه الارقام الكارثية، ربما حال التعليم في المغرب جحيم…. ولكن الاعتياد عليه جحيم آخر!
يتبع…

التعليم في المغرب متى ينتهي عهد الارقام الصادمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *